الأحد، 24 أبريل 2016

فضل قراءة سورة الملك قبل النوم كل ليلة

السؤال
قد علمت بأن قراءة سورة الملك مستحبة كل ليلة، وسؤالي هو: هل تجزئ قراءتها في صلاة النافلة، مثلا عندما أقرؤها في صلاة قيام الليل هل يجزئ ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي سورة تبارك الذي بيده الملك. قال أبو عيسىهذا حديث حسن. ورواه أبو داود وغيره.
وقال عنها: وددت تبارك الذي بيده الملك في قلب كل مؤمنرواه الحاكم عن ابن عباس.ومما ورد في فضلها مع سورة السجدة ما رواه أحمد والترمذي عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ (ألم تنزيل) و(تبارك الذي بيده الملك). وهو حديث صحيح، صححه غير واحد من أئمة أهل العلم.
ولذلك يستحب قراءتهما قبل النوم كل ليلة لفعله صلى الله عليه وسلم، ولو قرأهما في صلاة الليل قبل النوم أجزأه ذلك.
والله أعلم

ما حكم تارك الصلاة ؟



التفصيل في حكم تارك الصلاة
الأحد 25 شوال 1421 - 21-1-2001

رقم الفتوى: 1145
التصنيف: وجوب الصلاة وحكم تاركها

السؤال
ما حكم تارك الصلاة ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: 

فقد اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جحودا لها. واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلا. فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولكن يقتل حدا ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،  وحكى عليه إسحاق الإجماع، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغيره، ومن الأدلة على ذلك ما راوه الجماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وما رواه أحمد من حديث أم أيمن مرفوعا" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" وما رواه أصحاب السنن من حديث بريدة بن الحصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. وقال الإمام محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
وقال الإمام ابن حزم : روينا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ومعاذ بن جبل ، وابن ‏مسعود ، وجماعة من الصحابة ‏‎-‎‏ رضي الله عنهم ‏‎-‎‏ وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، ‏وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين ‏رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ‏ومرتد ، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك ، وبه يقول عبد الملك بن حبيب ‏الأندلسي وغيره . انظر ( الفصل (3/274) لابن حزم ، والمحلى (2/326) ونقله الآجري في ‏الشريعة ، وابن عبد البر في التمهيد (4/225). والله أعلم. ‏

السبت، 23 أبريل 2016

الرسول الأعظم

الرسول الأعظم
محمد صلى الله عليه وسلم




أحمد ديدات


ترجمة: علي عثمان، مراجعة: محمد مختار


بسم الله الرحمن الرحيم
محمد صلى الله عليه وسلم هو الأعظم
إنه بحق الأعظم كيف لا وقد اصطفاه الله على بني آدم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسله ربه رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
إنه الأعظم فإذا كان في البشرية من يستحق العظمة فهو محمد ، هذا كلام علماء الغرب المنصفين . والمسلمين يؤمنون به ويحترمونه ويوقرونه ويبجلونه . فهو قدوتنا العليا وهو شفيعنا يوم القيامة وقائدنا إلى الجنة .
إن محمداً صلى الله عليه وسلم يستحق العظمة . كيف لا وقد أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم إلى صراط مستقيم .
هذا الكتاب واحد من أروع كتب ديدات بل أروعها على الإطلاق لما فيه من كلمة صادقة ومجهود جاد لإثبات عظمة رسولنا الكريم فهو بحق يستحق أن تفخر به المكتبة العربية والإسلامية .
إن هذا الكتاب ينم عن شخصية ديدات وعمقه العلمي والثقافي وتفانيه في خدمة الإسلام .
وديدات رجل من رجال الدعوة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقد تحمل العبء الأكبر في مواجهة تيارات الباطل الجارفة وفـي مناقشة النصارى ودحض حججهم ورد الحق إلى نصابه .
فإذا قلنا إن من بين من ناقش النصارى يوجد منهم علماء يستحقون التوقير فهو ديدات لما له من مكانة مرموقة في قلب كل مسلم في شتى أنحاء العالم .
وديدات غنى عن التعريف بل إن كتبه خير دليل على شخصيته وهو غني عن التعريف فلا يكاد يوجد مسلم إلا وهو يعرف من هو ديدات لما له من باع كبير فـي سير الدعوة الإسلامية .
وهذا الكتاب يقع في ثلاثة فصول هامة .. ويناقش ديدات في هذا الكتاب موضوع محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم ويعطيه حقه ويدفع عنه الشبهات التي تتردد في الغرب الكافر وتهدف إلى النيل من الإسلام ومن نبي الإسلام .
إن هذا الكتاب بحق شهادة تستحق أن يحوزها كل مسلم .
فهو يضم بين طياته جوانب عظمة الرسول عليه الصلاة والسلام . من كلامهم هم أنفسهم من كلمات علماء الغرب وشهادتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين فهو ينقل آراء مايكل هارت ولامارتين الفرنسي وكارلايل في الدفاع عن رسول الإسلام وإثبات جوانب عظمته .
الفصل الأول : ويتكون من نبذة عن سبب تأليف الكتاب ثم الإشارة إلى جوانب عظمة الرسول والإشارة إلى تأليف مايكل هارت لكتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم وصدى اختيار هارت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول العظماء حتى قبل موسى وعيسى عليهما السلام مما أثار غضب الغرب الكافر فهي بحق شهادة نبعت من نقاء نفسي بعيداً عن روح التعصب حتى لدينه .
ولا أحاول في هذه النبذة التعرض لآراء المفكرين الغربيين حتى يتسنى لك عزيزي القارئ مطالعتها بتأني في ثنايا هذا الكتاب فهو زاخر بأقوال علماء الغرب غير المسلمين في حق محمد ، وكيف قاموا بترشيحه لينال فقط العظمة على سائر أبطال العالم .
ولقد وضع بعض المفكرين والسياسيين مقاييس للعظمة والبطولة .. هذه المقاييس لم تتوفر في أحد من البشر إلا في نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو بحق حاز كل صفات العظمة فلا يوجد على سطح الأرض من هو أعظم منه على الإطلاق .
والفصل الثاني : يغلب فيه التحدث عن كتاب كارلايل هذا الرجل المنصف الذي اتخذ من محمد صلى الله عليه وسلم نبياً له يدافع عنه ويذب عنه كل الافتراءات التي حاول أن يلصقها به أعداءه .
لقد ناقش كارلايل مواضيع من أخطر المشكلات التي يثيرها الغرب وقام بالذّب عن الإسلام حتى كأننا إذ قرأنا الكلام بدون اسمه فكأننا بداعية إسلامي كبير يدافع عن الإسلام ويذب عنه كيد الأعداء ، ومن أبرز التهم التي يذب عنها كارلايل تهمة حد السيف وتهمة الخداع .
ولقد أجاد كارلايل وديدات في إقناع هؤلاء المتعصبين بأن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يظنون بل انتشر بسيف العقل .
الفصل الثالث : يحمل عنوان أسرع الأديان نمواً اليوم ويتناول هذا الفصل الأسباب الدافعة للنمو المطرد في الإسلام والمسلمين فهو بحق الدين المثالي الذي يكثر معتنقيه في شتى بقاع العالم .
لقد أصبح اليوم أكثر من ألف مليون مسلم في العالم يؤمنون بهذا الدين .
إن الأسلوب المتبع في الدعوة والسمات الرفيعة والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الدعاة إلى الله كان لها أكبر الأثر في نجاح هذا الدين وانتشاره .
إن الدين الإسلامي أكثر الأديان انتشاراً بالرغم من أن الإسلام جاء بعد المسيحية بنحو 600 سنة إلا أنه أكثر اضطراداً في النمو من المسيحية .
إن الأرقام فقط تدل على أن تعداد مسيحي العالم أكثر من المسلمين ولكن بحق إذا تناولناها من الناحية العملية فإن المسلمين أكثر تعداداً من المسيحيين . إن المسلمين العاملين بدينهم يزدادون يوماً بعد يوم .
أما المسيحيين فمعظمهم ينتمون إلى المسيحية اسماً ولا يحبونها ولا يعملون بها ، وإذا ما قارنا بين المسلمين الملتزمين بدينهم والمسيحيين الملتزمين بدينهم فإن الكفة في صالح المسلمين حيث أن أعداد المسلمين الملتزمين بدينهم أكبر بكثير من أعداد المسيحيين المطبقين لدينهم .
إن الأخلاق الحميدة والصفات السامية النبيلة والسمات الرفيعة التي كان يتصف بها نبي الإسلام جعلته أجدر بكل تعظيم وتبجيل فإن هذه الصفات لم تخلع على أحد قبله أو بعده وكان لها دور كبير في نشر الدين الإسلامي .
إن صفة الرحمة في تعامله مع المسلمين وحتى مع زوجاته في المنزل لها الأثر الأكبر في نشر الإسلام . إن أبرز موقف يصف رحمته صلى الله عليه وسلم هو عند فتح مكة حيث قال لقومه الذين عذبوه وأخرجوه من بلده وناصبوه العداء وكان الزمام في يده ويستطيع أن يقتل كل من تسبب في إيذائه ووقف في طريق الدين الناشئ ، فقال قولته المشهورة التي يتداولها التاريخ بكل تقدير وإعزاز : " ماذا تظنون أني فاعل بكم " .
قالوا " أخ كريم وابن أخ كريم " . يقصدون استعطافه لما يعرفون عنه من الرحمة والأخلاق الرفيعة إنهم يعرفونه منذ نشأته فلم يعهدوا منه غدراً ولا خيانة .. إن هذا الموقف هو الذي يوضح الأبطال على حقيقتهم وهو الذي يبرز صفات القائد المحنك .
لم ينتصر لنفسه لما وجد من تعذيب في بداية الدعوة .
ولم ينتصر لأصحابه الذين بُطِشَ ونُكِّلَ بهم لكي يفارقوا دينهم . وإنما قال قولته العظيمة الخالدة التي وجلت القلوب إجلالاً لها :
 " إذهبوا فأنتم الطلقاء " .
وكانت لهذه الكلمات النبيلة والموقف الإنساني الرائع أكبر الأثر في دخول الناس في دين الله أفواجاً بدون حرب وبدون إراقة ولو قطرة دم واحدة فقال تعالى :
 " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً " ( النصر : 1- 3 ) .
فدخل الناس في دين الله بدون حرب فكيف يزعم أحد إذن أنه نشر الدين بالسيف .
إنه ثمة سبب آخر سأتعرض له في هذه المقدمة الموجزة لانتشار الإسلام وهو عدم التفريق بين أتباعه فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب .
قال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى " .
فلم يفرق رسول الإسلام بين الناس لمجرد لونهم ولمجرد مكانتهم في المجتمع . فالوزير والخفير سواء أمام الله والفارق الجوهري الوحيد هو التقوى .
إن التقوى هي اللباس الذي يميز بين عباد الله ومقياس أفضليتهم عند الله .. أما خلاف ذلك فلا . قال تعالى " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " .
إن الإسلام جاء بأسمى الشرائع وبأسمى التشريعات الاجتماعية فلقد فعلت المسيحية بأهلها الويلات وقد شردتهم ومزقت بينهم حسب بيئتهم حتى أنه يوجد في أمريكا أبشع أنواع التفرقة العنصرية بين البيض والسود حتى وإن كانوا أبناء دين واحد هو المسيحية فالفرق بينهم في اللون أدى إلى فرق في المكانة الاجتماعية .
كما أن الإسلام نزع الفوارق الطبقية وقضى عليها في المجتمع فأصبح الناس كلهم سواسية كأسنان المشط .
وأصبح الإسلام وأخوة الإسلام أقوى رباط يربط بين المجتمع .
إن الرجل الذي قال عنه كارلايل : " رجل واحد في مقابل جميع الرجال " ، الذي استطاع بنصر الله له وبصدق عزيمته وبإخلاصه في دعوته أن يقف أمام الجميع ليدحض الباطل ويُظهر الحق حتى يحق الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون .
إن هذا الرجل العظيم الذي استطاع أن يقف أمام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وأمام الأصنام وعبادة الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، إنه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من أتباعه بل من كل من يفهموا سمات العبقرية وخصائصها .
إن الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديرة بأن يحصل على نوط الامتياز ويحظى بكل تقدير واحترام . إنه بحق الأعظم .
وإنني لأسأل كما فعل لامارتين : فهل بعد ذلك يوجد أي رجل أعظم منه ؟ " .
كلا ، لا يوجد رجل أعظم منه فقد عاش حياته كلها في خدمة البشرية جمعاء وجاء بالدين الخاتم لجميع البشر .
فهو بشير ونذير لكل البشر إنسهم وجنهم .. وقد أخرج بإذن الله الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن الظلمات إلى النور ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
وإن وصف النصارى المسيح بأنه مخلصهم فإن محمداً بحق هو مخلص البشرية من الظلم والاضطهاد والكفر والضلال والعذاب في الدنيا والآخرة .
إنه بحق كما قال لامارتين :
 " رجل أسس 20 إمبراطورية دنيوية وإمبراطورية واحدة روحية " .
إنه رجل جمع كل سمات العظمة في شخص واحد يستحق أن يجعله هارت أول العظماء قبل موسى وعيسى عليهما السلام .
إن هذا الرجل العظيم محمد صلى الله عليه وسلم بحق رجل لم تنجب البشرية مثله كيف لا وقد قال عنه الجبار " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " .. وقال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " .
إن هذا الرجل نجح في حياته واستمر نجاحه بعد موته على يد أتباعه .
فقد صنع الأبطال إنها مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم التي خرجت الأبطال والدعاة الذين جابوا الأرض شرقاً وغرباً لنشر دين الله ونوره وتبليغه إلى الناس .
إن أعظم موقف يدل على عظمة الرجال الذين صنعهم في حياته هو موقفهم عند موته .
لم يصدق أحد من الصحابة أن رسول الله قد مات . كيف ذلك ؟ وهل ينقطع النور الواصل من السماء والأرض عن طريقه ؟
وماذا سيفعل المسلمون من بعده ؟
وثار عمر البطل القائد المغوار . قام ونفى الخبر وأثرت عليه ثورته فقال " من قال إن محمداً قد مات فسأقطع رأسه " .
ولكن أبو بكر الرجل الهادئ الوديع المتريث المرهف الحس ناقش الأمر بجدية أكثر ولم يتأثر بهذا الخبر فدخل على رسول الله بعد ما سمع بوفاته وخرج على المسلمين وقال " أيها الناس ، من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " .
وقرأ قوله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " .
فرجع عمر إلى الحق وأدرك أن الحق جانبه لثورته وقال كأني أسمع هـذه الآية لأول مرة .
إن موقف أبو بكر هذا موقف الرجل القائد يستحق بكل تقدير وإجلال أن ينال شرف ترشيحه من رسول الله للصلاة بالمسلمين ثم بخلافة المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إنهم بحق رجال مدرسة النبوة الذين قال الله عنهم : " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " .
ولا أستطيع عزيزي القارئ أن أحصي جوانب العظمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم من أن يصفه إنسان أو يعبر عن عظمته قلم .
فهو بحق أجدر إنسان يستحق لقب الأعظم .
فقد وصفه كارلايل في كتاب الأبطال بأنه " كان واحداً من هؤلاء الذين لا يستطيعون إلا أن يكونوا في جد دائماً .. هؤلاء الذين جبلت طبيعتهم على الإخلاص ..
فلم يقم هذا الرجل بإحاطة نفسه داخل إطار من الأقوال والصفات الطيبة ولكنه تفرد مع روحه ومع حقيقة الأشياء يستمد منها ما نطلق عليه الإخلاص .
شيء يملكه أسمى من طبيعة البشر فقد كانت رسالة هذا الرجل ينبعث من فطرة قلبه وروحه ولهذا يجب أن يستمع ويعمل الرجال وليس لأي شيء آخر فكل شيء غير ذلك إنما هو هباءً تذروه الرياح .. أ . هـ
وأختتم هذا الكلام عن عظمة نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بكلام مايكل هارت في كتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم عن سبب اختياره لمحمد وكونه الأعظم فقال :
( إن اختياري لمحمد ليقود قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض .. ولكنه كان ( أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً في كل من المستوى الديني والدنيوي ) أ . هـ
وقال عنه أحد المفكرين الغربيين أنه لو أعطى لمحمد زمام الأمور في هذا العالم المليء بالملابسات والمشكلات لقاد البشرية إلى  بر الأمان .
إذا وجد في مجرى التاريخ أبطالاً فإن الأعظم هو محمد إنه بحق لا يوجد أعظم منه على الإطلاق ؟!!
صلى الله عليك يا علم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل وسلام على المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " آمين . والحمد لله رب العالمين .

علي عثمان




الفصل الأول

قال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( القلم : 4 )
كيف نشأ الموضوع

How The Topic Arose

أعطاني السيد محمد مهتار ( فاروقي ) ([1]) منذ عشر سنوات تقريباً ( وتربطني به صلة قرابة ) مقالة ([2]) للمؤرخ الفرنسي لامارتين ( Lamartine ) يبرهن فيها أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الإسلام كان أعظم رجل عاش على الإطلاق .
وكان من عادة السيد مهتار أن ينقل المعلومات دائماً معتقداً أنني قد أحتفظ بها للاستعمال النافع في الوقت والمكان المناسب .
وكان السيد مهتار قبل ذلك قد أهداني كتاب غالي الثمن بعنوان " نداء المأذنة " تأليف الأسقف " كينث كراج " وقد قمت بتحليل هذا الكتاب واكتشفت براعة المسيحيين المتفوقين في الخداع والتضليل . ولقد أثارني إجلال لامارتين لرسولنا وبعث في رغبة كبيرة بمشاركة أنصاره عن نبينا مع إخواني المسلمين ولم تكن الفرصة لفعل ذلك ببعيدة .
لقد تلقيت مكالمة تليفونية من المجتمع المسلم في دانهاوزر ( بلدة صغيرة في شمال ناتال ) وكانوا ينظمون احتفالاً بالمولد النبوي الشريف وقد دعوني لإلقاء محاضرة في هذه المناسبة السعيدة فوافقت في الحال باعتبار أن هذا شرف وامتياز لي وعندما تساءلوا عن موضوع محاضرتي حتى يعلنوا عنها اقترحت أن يكون ( محمداً صلى الله عليه وسلم الأعظم ) وذلك من وحي ما كتبه لامارتين .
خيبة الأمل المتكرر Repeated Let –Downs لقد لاحظت عند وصولي مدينة دانهاوزر (Dannhauser) بعدد كبير من الملصقات تعلن عن هذا اللقاء وتقول في جوهرها أن ديدات سيحاضر عن موضوع " محمد العظيم " صلى الله عليه وسلم مما جعلني مفتور الهمة ([3]) بعض الشيء وعند استعلامي عن سبب هذا قيل لي أن التغيير في العنوان كان بسبب خطأ مطبعي .
ولقد جاءتني دعوة مماثلة بعد حوالي شهرين من ذلك التاريخ . وكانت هذه المرة من المجتمع المسلم في " بريتوريا " العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا وكان موضوع المحاضرة هو نفسه ( محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم ) وانتابني الفزع عندما تغير العنوان مرة أخرى " محمد العظيم " .. وأعطيت لي ( في هذه المرة ) أسباباً وأعذاراً مماثلة لسابقتها ، وقد جرت هاتين الحادثتين في بلدي جنوب إفريقيا . ومع ذلك دعني أعطي لك مثالاً آخر لعقدة النقص عندنا وهي تمثل جزء كبير من مرض الأمة .
الولايات المتحدة الأمريكية
لم تختلف U.S.A. No Different
أثناء جولتي لإلقاء المحاضرات في الولايات المتحدة الأمريكية الدولة القوية في عام 1977 اكتشفت أن جنودنا في العالم الجديد مازالوا أضعف مما كنت أعتقد . ومن بين جميع التجارب المحزنة التي مررت بها فإني أعتقد أن هـذا الحدث يكفي لإثبات النقطة التي أتكلم عنها .
لقد نصح مسلموا انديانابوليس ( Indienapolis ) بأن ينظموا محاضرة لي حول موضوع " ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " وقد اتفقوا على أن يقوموا بالإعلان عن ذلك تماماً . ولكن لم يسمح لهم خوفهم وجبنهم من فعل ذلك فقد اعتقدوا أن هذا العنوان استفزازي جداً . وألهمتهم حكمتهم ( ؟ ) بتلطيف العبارة لتصبح أخف وطأة وتكون " نبي في الكتاب المقدس " ومن غير شك فإنكم توافقوني على أنه عنون غير مشوق وبلا حياة .
فليس هناك ما يثير اهتمام المسلم أو المسيحي أو اليهودي أو الهندوسي للحضور ؟ ماذا تعني كلمة " نبي " ؟ إن كلمة " نبي " بالنسبة لأغلب الناس تعني " أيُّ نبي " .
ومن الذي سيهتم بحضور اجتماع يناقش مجرد " نبي " غير محدد من الأنبياء الذين ذكروا في الكتاب المقدس ؟ أيوب – يوئيل – يونس – عزروا أو عزير – اليوشع – حزقيل .. هم بعض من أنبياء كثيرين ذكروا في الكتاب المقدس . وكما هو متوقع فقد أوضحت نسبة الحضور بشكل كبير عدم جاذبية العنوان .
مركب النقص nferiority Complexi
ما سبب هذا المرض ؟ مركب النقص ؟ نعم . نحن قوم عاجزين انتزعت منها الفاعلية والنشاط ليس فقط عن طريق أعداؤنا ولكن أيضاً عن طريق أصدقاؤنا الخاملين . نحن لا نجرؤ حتى على ترديد شهادة الله نفسه بخصوص حبيبه :
 " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( ن :  4)
الأكثر تأثيراً : the Most influential
عادة فإنه من الطبيعي لأي شخص أن يحب – يمدح يبجل – أو يمجد قائده سواء كان بطلاً أو قديساً أو نبياً وكثيراً ما نفعل ذلك .
ومع ذلك فلو كنت قد أعدت ذكر ما قاله المسلمون العظماء أو ما كتبوه عن نبينا الشهير لكان من الممكن أن يبخسه أعداء الإسلام والنازعين للشكوكية باعتباره مبالغة أو ولع أو عبادة لهذا فلتسمحوا لي أن استشهد بمؤرخين غير متحيزين ونقاد أصدقاء وبعض الذين جهروا بعداوتهم لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم . ولو أنك وجدت أن تقدير غير المسلمين لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) لم يمس شغاف قلبك فلتعلم أن إيمانك خاطئ ولتبحث لك عن دينا غير الإسلام ، فإن هناك الكثير بالفعل من الأخشاب العطبة في سفينة الإسلام .
نشر في أمريكا في الزمن الحاضر كتاب بعنوان " المائة " أو ( الخالدون مائة ) أو ( القمم المائة ) أو أعظم مائة في التاريخ .
وقد ألف هذا الكتاب الجديد من نوعه عالم الفلك والرياضيات والمؤرخ مايكل هارت لقد قام بالبحث في التاريخ عن الرجال الذين كان لهم أعظم تأثير على البشر وقد ذكر لنا في هذا الكتاب أكثر مائة رجل تأثيراً على البشرية منهم آزوس – أرسطو – بوذا – كونفوشيوس – هتلر- أفلاطون – ذرادشت – وهو لا يعطينا علامات محددة عن المائة من ناحية تأثيرهم على الناس ولكنه يقوم بتقييم درجة هذا التأثير ويصفهم بترتيب تفوقهم في هذا التأثير من رقم واحد وحتى رقم مائة وهو يوضح لنا أسبابه في ترتيب مرشحيه .
ونحن غير مطالبين بالموافقة على كلامه ولكننا لا يسعنا إلا أن نعجب بأمانة هذا الرجل ودقته في البحث .
وأكثر شيء يدعو للدهشة في تصنيفته المنتقاة أنه وضع نبينا الكريم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كرقم واحد أول المائة العظماء وهو بذلك يؤكد بدون علم أو قصد شهادة الله تعالى في آخر تنزيل له للعالم : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " ( الأحزاب : 21 )

عيسى ( عليه السلام ) رقم 3

Jesus (P .B .U .H .) NO 3 ~
وقد أسعد المسلمين بالطبع تصنيف مايكل هارت لرسول الإسلام في المرتبة الأولى . ولكن هذا الاختيار صدم غير المسلمين وبخاصة اليهود والمسيحيين الذين اعتبروا ذلك إهانة . ماذا ؟ المسيح ( عليه السلام ) فـي المرتبة الثالثة وموسى ( عليه السلام ) فـي المرتبة الأربعين ؟!!
وبالطبع فإن هذا بالنسبة إليهم شيء لا يمكن هضمه ولكن ماذا يقول مايكل هارت ؟
دعونا نستمع لمناقشته : " حيث أنه يوجد تقريباً مسيحيين ضعف عدد المسلمين فـي العالم ([4]) فإنه قد يبدو غريباً أن يكون تصنيف محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مـن المسيح عليه السلام .
وهناك سببين رئيسيين لهذا القرار :
أولاً لعب محمد صلى الله عليه وسلم دوراً في ازدهار الإسلام يفوق في أهميته كثيراً ما قام به المسيح عليه السلام في ازدهار المسيحية .
وعلى الرغم من أن عيسى عليه السلام كان مسؤولاً عن الخُلُق الأساسي والمبادئ والسلوكيات الأخلاقية للمسيحية " طالما اختلفت هذه المبادئ عن اليهودية ([5]) " فقد كان القديس بولس هو المطور الأصلي للاهوت المسيحي والناشر الرئيسي للمسيحية ومؤلف قسم كبير من العهد الجديد .
ومن ناحية أخرى نجد أن محمد صلى الله عليه وسلم هو المسئول عن العقيدة الإسلامية بجانب خلقه الأساسي ومبادئه الأخلاقية .
بالإضافة إلى ذلك فإنه لعب الدور الرئيسي في الدعوة إلى الدين الجديد وفي تأسيس التطبيق الديني للإسلام .
بولس مؤسس المسيحية
Paul the Founder of Christianity
طبقاً لرأي هارت فإن شرف تأسيس المسيحية يجب تقسيمه بين المسيح عليه السلام والقديس بولس .
والأخير كما يعتقد هارت هو المؤسس الحقيقي للمسيحية .. ولا أستطيع إخفاء موافقتي لهارت فمن مجموع الأسفار السبعة والعشرين للعهد الجديد نجد أن القديس بولس قد كتب أكثر من نصفها . وخلافاً لبولس فإن السيد المسيح لم يكتب كلمة واحدة في السبع والعشرين سفراً .
ولو أنك وجدت ما يسمى ( بإنجيل الأحرف الحمراء ) فستجد أن كل كلمة زُعِمَ أن المسيح تفوه بها مكتوبة بالحبر الأحمر والباقي بالحبر الأسود العادي ([6]) .
ولا تندهش حينما تجد في هذا الذي يسمى الإنجيل ( بشارة المسيح ) أكثر من 90 في المائة في السبع والعشرين سفراً للعهد الجديد مطبوعة بالمداد ( الحبر ) الأسود .
هذا هو الاعتراف المسيحي النزيه على ما يسمونه الإنجيل وفي أي مواجهة مع المبشرين المسيحيين ستجدهم يستشهدون مائة في المائة من بولس ([7]) .

لا أحد يتبع المسيح عليه السلام

No . One follows Jesus (PBUH)
قال يسوع ( عليه السلام ) ( إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي ) ( يوحنا 14 : 15 ) .
وقال أيضاً ( فمن نقض هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات ) ( متى 5 : 19 )
وإذا سالت أي مسيحي كثير المجادلة هل تحفظ هذه الشريعة والوصايا ؟ يجيب ( لا ) فإن سألته بعدها لماذا لا تفعل ؟ سيجيبك بلا اختلاف إذا كان من مروجي الكتاب المقدس والناعقين به ( الشريعة سُمِّرت على الصليب ) وهو يعني بذلك أن الشريعة قد انتهت أو ألغيت ويضيف : ( ونحن الآن نعيش تحت الرحمة والنعمة الإلهية ) .
وفي كل مرة تستحث المسيحي بما قاله سيده ومعلمه ( المسيح عليه السلام ) فإنه يواجهك بشيء من الرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورينثوس والرسالة إلى أهل غلاطية والرسالة إلى أهل أفسس والرسالة إلى أهل فيلبي .. إلخ .
فإذا سألته من مؤلفها ؟ فسيجيبك : بولس – بولس – بولس .
من هو سيدك ؟ سيجيبك المسيح عليه السلام ولكنه دائماً سيناقض سيده المسيح ( عليه السلام ) بالقديس بولس . لن تجد مسيحياً متعلماً يناقش حقيقة أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس ولذلك كان على مايكل هارت ليكون منصفاً أن يصنف المسيح ( عليه السلام ) في المرتبة الثالثة في كتابه .
لماذا تُغضب زبونك ( عميلك )
Why Provoke Your Customer ?
ما فعله مايكل هارت بوضع المسيح في المرتبة الثالثة يطرح علينا سؤالاً خطيراً وهو لماذا يقدم أمريكي على نشر كتاب من 572 صفحة في أمريكا ويقوم ببيعه بسعر ( 15 ) دولار للنسخة وهو بذلك يتجشم عناء إثارة غضب قراءه المحتملين ؟ من سيشتري كتابه ؟ بالطبع لن يكونوا الباكستانيين أو شعب بنجلاديش أو العرب أو الأتراك اللهم إلا نسخ قليلة هنا وهناك . ولكن الغالبية العظمى من زبائنه سيكونوا من الـ ( 250 ) مليون مسيحي والـ ( 6 ) مليون يهودي الذين يعيشون في أمريكا .
فلماذا إذن يغضب عملائه ؟
ألم يسمع القول الشائع أن الزبون دائماً على حق ؟ بالطبع قد سمع ذلك فلماذا إذن هذا الاختيار المتحدي ؟
ولكنني قبل أن أغلق هذا الملف الخاص بهارت سأسمح له أن يقدم اعتذاره الأخير عن تهوره :
 " إن اختياري لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ليأتي في المرتبة الأولى من قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض ولكنه كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً على كل من المستوى الديني والدنيوي " .
مايكل هارت
( الخالدون مائة ) ص 33
تصنيف لأكثر الأشخاص تأثيراً في التاريخ

نيويورك شركة هارت للنشر سنة 1978


من هم قادة التاريخ العظماء :
Who Were History’s Great Leaders
عدد " تايم " الصادر في 15 يوليو سنة 1974
1974 – 15 Time, July
نشرت مجلة " تايم " الشهيرة العنوان السابق على غلافها الخارجي وداخل العدد . كانت هناك مقالات كثيرة مثل : ما الذي يصنع القائد العظيم ؟
من المؤهل على مدار التاريخ ؟
وفي هذه المقالات قامت مجلة " تايم " بسؤال مجموعة من المؤرخين والكتاب والعسكريين ورجال الأعمال وآخرين من اختيارها . وقد أعطى كل منها مرشحيه طبقاً لوجهة نظره بموضوعية على قدر الاستطاعة البشرية لكل منهم ومعتمداً في ذلك على إدراكه وتميزه وهواه وحكمه المسبق الشخصي .
من يعرف الدكتور سالازار ؟
Who knows Dr . Salazar
من عاداتي وواجباتي الممتعة أن أصحب غير المسلمين كمرشد لهم في جولات داخل أكبر مسجد في نصف الكرة الجنوبي بديربان .
وفي إحدى المناسبات كنت أستضيف اثنين من البرتغاليين ( زوج وزوجته ) وخلال مناقشاتنا قال السيد البرتغ " أن د . سالازار شخصياً كان أعظم رجل في العالم " لم أناقش معه هذه النقطة لأنني شخصياً لا أعرف عن د . سالازار سوى أنه ديكتاتور البرتغالي في عصره . ولو أنه كان يعتبر بالنسبة لكثيرين ذو منفعة عظيمة لأمته ولكن ضيفي المحترم كان يتحدث على حسب معرفته الشخصية وحسب وجهة نظره وأهواءه الشخصية .
محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لا يمكن تجاهله
Mohammed (PBUH) Cannot Be Ignored
ويبدو أنه لم يستطع أحد من بين المساهمين في المقالات المنشورة في مجلة " تايم "  أن يتجاهل محمداً صلى الله عليه وسلم .
يقول وليام مكنيل William Mcneill مؤرخ أمريكي بجامعة شيكاغو في المقال الذي نشرته مجلة " تايم " : ولو أنك قست الزعامة بمدى تأثيرها فإنك يجب أن تذكر المسيح وبوذا ومحمد وكونفشيوس على أنهم أنبياء العالم العظماء .
ولم يدخل مكنيل في تفاصيل ولم يعطنا أي تفسير لسبب وضعه للمسيح أولاً ومحمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الثالثة ربما كان هذا بحكم العادة .. فإن مكنيل مسيحياً في الغالب ولكننا لن نتناقش معه .
ويقول جيمس جافين James Gavin الذي يوصف بأنه رجل في الجيش الأمريكي أحيل إلى التقاعد برتبة فريق :
 " إنني أعتبر محمد والمسيح عيسى وربما لينين ومن المحتمل ماو تسي تونج من بين القادة الذين كان لهم أعظم تأثير على مر العصور .. أما بالنسبة للقائد صاحب المؤهلات التي من الممكن الاستفادة منها إلى درجة بعيدة في الزمن الحاضر فإنني أختار جون ف . كنيدي " .. ولم يقل الجنرال أكثر من ذلك ولكن من الواجب علينا أن نجيبه فإن الأمر يحتاج شجاعة هائلة لكتابة اسم محمد قبل المسيح عليهما السلام . ومن المؤكد أن ذلك لم يكن زلة قلم .
جولز ماسيرمان Jules Masserman محلل نفسي أمريكي وأستاذ في جامعة شيكاغو يعطينا على عكس المشاركين الآخرين الأسس التي بنى عليها اختياره والأسباب التي جعلته يختار القائد الأعظم لجميع الأزمنة أنه يريدنا أن نكتشف ما نبحث عنه حقاً في الرجل المطلوب ، المؤهلات التي تجعله فريداً . وقد نبحث عن أي مجموعة من المؤهلات كما في حالة مايكل هارت الذي كان يبحث عن الشخص الذي حقق أقوى تأثير .
ومع ذلك فإن ماسيرمان لا يريد منا أن نعتمد على خيالنا وعلى ميولنا الشخصية إنه يريد منا أن نقم معايير ( قيادة ) موضوعية للحكم قبل أن نمنح صفة العظمة لأي شخص . إنه يقول : " يجب أن يحقق القادة ثلاثة أعمال :
1- يجب أن يتوفر في القائد التكوين السليم للقيادة .
فالقائد مهما كان يجب أن يكون مهتماً بصالحك ويجب ألا يتطلع إلى استغلال المغفلين لأطماعه الشخصية مثل القس جيم جونز من جونزتاون في جويانا زعيم الطائفة الشهيرة المعروفة باسم " الطائفة المنتحرة " وسوف نتذكره على أنه الرجل الذي انتحر مع 910 من أتباعه كلهم في نفس الوقت !
فقد كانت حكومة الولايات المتحدة في أعقابه وكان على وشك أن يقبض عليه لإجرامه ولكنه قبل أن يتمكنوا من اعتقاله فكر في أنه من الحكمة أن يتخلص من حياته ومعه جميع أتباعه حتى لا يبقى منهم أحد يشهد ضده فخلط عصير الليمون بالسم ودفع أتباعه لأن يشربوا منه ففعلوا وماتوا جميعاً في نفس الوقت هذه الميتة المخزية .
وقد اكتشف فيما بعد أن الثوري جيم جونز قد ادخر 50 مليون دولار وأودعها في حسابه الخاص ببنوك في مختلف أنحاء العالم وقد كان كل ضحاياه بمثابة البقر الذي يُدر له اللبن وكان يستغلهم ليشبع شهوته وطمعه .
إن بطل ماسيرمان يجب أن يعود بالنفع على خرافه وعلى قطيعه وليس على نفسه .
2- يجب أن يوفر القائد أو من يكون قائدا نظام اجتماعي يشعر فيه الناس نسبياً بالأمن والطمأنينة .
وعلى عكس الماركسيين والفاشيين والنازيين الجدد والاشكنازيين ([8]) والصهاينة والذين اتبعوهم فإن الأستاذ ماسيرمان في مقالته المختصرة في مجلة " تايم " لم يصرح بذلك . ولكن معتقداته ومشاعره كانت واضحة تماماً . فهو يبحث عن القائد الذي سيوفر نظام اجتماعي خالي من الأنانية والطمع والعنصرية فكل هذه المذاهب تحمل في طياتها بذور التدمير الذاتي لنفسها .
يقول عبد الله يوسف علي :
 " لا يزال يصاحبنا الكثير من الندم والخطيئة والظلم والاضطهاد والخطأ والكراهية . لا تزال العجرفة تميت الضمائر وتسلب الأرواح المكافحة حتى من كسرات الشفقة وتصنع من الكائنات الكريهة والغبار المتفتت معبود جميل الهيئة للعبادة .
ما يزال الجهل يوصف بالقمم القوية ويحاول أن يُخزي الحكمة .. لا يزال الإنسان يقود الصيد ويعترض بنعومة على نهاية الرق .. لا يزال الطمع يلتهم جوهر الضعفاء الذين داخل سلطانه .. بل أكثر من ذلك أن صوت الإنسان المهذب يخنق في وسط الضجيج الأجش للمجموعات والحشود التي تصرح بجنون بما يسمونه شعارات عصرية ، .. إلافك القديم الذي رفض تصديقه من زمن بعيد . إ . هـ
3- يجب على القائد أن يوفر لشعبه مجموعة واحدة من المعتقدات .
من السهل التحدث عن الزمالة الدينية والأخوة في الإنسانية ، لكن هناك في جنوب إفريقيا اليوم ألف من الطوائف والملل المختلفة بين البيض ( أهالي السلالة الأوروبية ) وثلاثة آلاف من السود ( أهالي السلالة الإفريقية ) . وتفرخ كنائس البيض في بلدتي أساقفة سود بمعدل سريع .
ولكن في أول 300 سنة من الاحتلال الأوروبي لم يتخرج من كنائس البيض أسقف أسود واحد .
وحتى الآن لا يستطيع السود والبيض والملونين والهنود أن يصلوا معاً في أغلب الكنائس الهولندية البروتستانتيتية وقد عبر الإمبراطور المسيحي جوليانوس عن الكراهية بين الطوائف المسيحية بدقة حيث قال :
 " لا توجد وحوش مفترسة تتسم بالعداوة للإنسان كما تعادي الطوائف المسيحية بصفة عامة بعضها البعض " إ . هـ ( سيد أمير علي في ص18 من كتابه روح الإسلام ) .
وعلى ضوء هذه المتطلبات الثلاثة السابقة يبحث ماسيرمان في التاريخ ويقوم بالتحليل والتمحيص لويس باستير – غاندي – كونفوشيوس – الاسكندر الأكبر – قيصر – هتلر – بوذا – المسيح – إلى آخر الباقين حتى وصل أخيراً إلى النتيجة التالية :
 " لعل أعظم قائد كان على مر العصور هو محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الذي جمع الأعمال الثلاثة وقد فعل موسى نفس الشيء بدرجة أقل " .
وليس لنا إلا أن نندهش من ماسيرمان لأنه كيهودي قد تنازل ليتفحص حتى أدولف هتلر العدو الرئيسي لشعبه فهو يعتبره قائداً عظيماً . فقد كان قوم هتلر وهم الأمة الألمانية القوية المكونة من 90 مليون نسمة كانوا مستعدين أن يسيروا إلى قدرهم أو دمارهم بأمره . واحسرتاه لقد قادهم إلى الهلاك .
ولكن هتلر ليس هو مجال السؤال . إنما السؤال هو لماذا يعلن ماسيرمان وهو يهودي أمريكي وخادم مدفوع الأجر للحكومة بالتصريح لأبناء بلدته الذين يزيدون عن 200 مليون منهم اليهودي والمسيحي إنه لا المسيح ولا موسى ولكن محمد ( عليهم السلام جميعاً ) هو القائد الأعظم The Greatest Leader  في جميع الأزمنة ! "
عللوا لذلك .
ماذا يقول المتشككون
What Say The Sceptics ?
وضع مايكل هارت محمداً على أول قائمته ووضع مولاه ومخلصه ومنقذه يسوع المسيح عليه السلام في المرتبة الثالثة . لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!
وليم مكنيل يعتبر محمد صلى الله عليه وسلم مستحقاً لشرف وضعه في قائمته وفي أول ثلاث أسماء في القائمة . لماذا " هل أخذ رشوة " ؟!!
جيمس جافين وضع محمد صلى الله عليه وسلم قبل المسيح عليه السلام . لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!
جيمس ماسيرمان ( اليهودي ) اعتبر محمداً صلى الله عليه وسلم بطله الأول وموسى عليه السلام بطله الثاني لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!
 " هل لنا أن نفترض أن كل هذا المديح المتوهج لمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا قطعة بائسة مـن الخداع الفكري – هراء –  أنا عن نفسي لا يمكنني أن أتخيل مثل هذا الافتراض . إن الفرد سيصاب بالضياع الفكري عندما يفكر في الجنس البشري لو أن الدجل والشعوذة زادت هكذا وانتشرت في العالم ؟ ([9]) لكن المستهزئين يشفقون ويأسون على أي شخص لديه أي شيء جيد ليقوله عن محمد صلى الله عليه وسلم أو عن الإسلام باعتبار أنه أخذ رشوة من العرب ([10]) .
وهـم بذلك يضعون ثقة كبيرة فـي أشقائي . أنا أكرر : " هذا ممكن ولكنه غيـر محتمل ! " .
وفي أثناء الحرب العالمية قامت النرويج باعتقال خائن واحد وقد تمت محاكمته بتهمة الخيانة وأعدم .
إنه لأمر غير محتمل أن تنتج أمريكا والعالم الغربي بعد أن وصلوا إلى سن البلوغ سلالة من الخائنين تتغذى على دولارات بترول الشرق الأوسط .
أرجوكم ألا تبخسوا قدر رجالكم الشرفاء الشجعان الذين بدون خوف أو مصلحة مستعدون أن يعانوا من القذف والطعن من أجل اقتناعهم في سبيل ما يؤمنون به . عيلنا جميعاً أن نشيد بهم .
ويمكننا الآن وبعدالة أن نستنتج أن إله الرحمة الذي يعرف دائماً الجهود المخلصة لعباده إنما فقط يوفي بوعده لمحمد صلى الله عليه وسلم رسوله المختار حين قال " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ "  " الشرح : 44 " .
كأنما هي قوة خفية جعلت الأصدقاء والأعداء على السواء يقدموا إجلالهم غير المستجدي للرسول القوي المبعوث من عند الله وكذلك فعل جنود ( الخالق ) القدير حتى الشيطان نفسه دخل في خدمة الرسول كما فعل في عهد المسيح .
( إنجيل متى 4 : 1 - 11 ) حتى الشيطان ينطق أحياناً بالحقائق ([11]) .
ويستشهد البروفيسور ك .س راماكرشنا راو الفيلسوف الهندوسي في كتابه ( محمد رسول الإسلام ) ([12]) برئيس الشيطان نفسه – نعم – أدولف هتلر ليثبت العظمة المنفردة لمحمد صلى الله عليه وسلم .
ومثل ماسيرمان الذي قيم رسول الإسلام على ثلاث أسس انظر ص 42 - 47 فقد رأى البروفيسور راماكرشنا راو أيضاً في كتاب هتلر المسمى " كفاحي " جوهرة ذات ثلاثة وجوه ، وامتيازاً نادراً ذلك الذي وجد في بطلنا موضوع المناقشة . فيستشهد بهتلر فيقول ( نادراً ما يكون رجل النظريات العظيمة قائداً عظيماً ولكن الداعية المؤثر هو أكثر احتمالاً لأن يملك هذه المتطلبات والمؤهلات ولذلك فهو دائماً ما يكون قائداً عظيماً لأن القيادة أو الزعامة تعني القدرة على تحريك الجماهير البشرية . الموهبة في تصدير الأفكار لا تشترك في شيء مع القدرة على الزعامة ويستمر هتلر في كلامه .. إن اتحاد القدرة على وضع النظريات والتنظيم والقيادة في رجل واحد ، هو أندر ظاهرة على وجه الأرض ففي تلك الحالة تكون العظمة " .
ويستنتج البروفيسور " راو " من ذلك فيقول في كلماته هو " في شخص رسول الإسلام رأى العالم أندر ظاهرة على وجه الأرض متمثلة في إنسان من لحم ودم " .
شارك في الغضب Share The Anger
قبل أن يهاجم أي شخص البروفيسور ([13]) ويتهمه بالتحيز الغير ضروري وبالرشوة دعوني أضيف أسماء الآخرين من المعجبين بمحمد صلى الله عليه وسلم .
1- " كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الرأفة والطيبة بعينيها والذين من حوله كانوا يشعرون بتأثيره ولم ينسوه أبداً " . ديوان شاندشارمة . باحث هندوسي ، وذلك في كتابه رسل الشرق سنة 1935 ص 122 .
2- " ولد في مكة في جزيرة العرب سنة 569 بعد الميلاد – وبعد أربع سنوات من وفاة يوستنيانوس الأول – الرجل الذي كان له أعظم تأثير على الجنس البشري من بين جميع الرجال ، محمد صلى الله عليه وسلم " .
جون وليم درايو طبيب ودكتور في الحقوق في كتابه " تاريخ التطور الفكري الأوربي " . لندن 1875 .
3- " إنني أشك أن أي إنسان لا يتغير رغم التغيرات الكبيرة في ظروفه الخارجية ، كما لم يتغير محمد ، لكي يلائم ويوافق هذه التغيرات " .
ر . ف . ك بودلي في " جريدة الرسول " لندن سنة 1946 ص 6 .
4- " لقد درست الرجل الرائع وفي رأيي أنه يجب أن يدعى منقذ البشرية فهو بعيد كل البعد من أن يدعى ضد المسيح " .
جورج برنارد شو في ( الإسلام الصادق ) ج1 سنة 1936 .
5- " من حسن الحظ إنه لأمر فريد على الإطلاق في التاريخ إن محمد مؤسس لثلاثة أشياء : الأمة والإمبراطورية والدين " .
ر . بوزوورث – سميث في كتاب محمد والمحمدية سنة 1946 .
6- " لقد كان محمد الأكثر توفيقاً من بين جميع الشخصيات الدينية " .
دائرة المعارف البريطانية الطبعة 11 .